ما الذي تغير؟

أحباب وأصحاب
ونحنُّ لمن هو حاضر رغم الغياب

كنا كراما لا نعرف مسارب اللؤم؛ نشعر بالغبطة والسرور لمن يفرح وينتابنا الحزن لمن يحزن. وكنا لا نبحث عن شيء سوى ذلك البريق الذي لا نريد منه أبدا أن يختفي من عيون من نحب إلا لبريق جديد من السعادة والرضى

كنا نهتم أيضا بالتفاصيل الصغيرة وننظر إلى من هم أكبر منا باحترام وود. هذا عمي، هذا جدي، هذا ضيفنا الجديد أتى من بعيد فأعجبه المكان فقرر الإستقرار بقربنا ...

ماذا حدث حتى تغيرنا؟
ماذا حدث حتى إختفى ذلك البريق من عيون الأحبة وصرنا لا نهتم به ولا حتى بأحوالهم وبعضنا يعرف أن بعضنا في محنة ثم لا يهتم؟ ماذا حدث حتى تغيرت القلوب وصرنا نخاف من سؤال بعضنا عن بعض وكأن مجرد السؤال صار يحمل معه إحساسا في أنفسنا بأن ليس في الأمر ما يسر؟

كنا لا نهتم بالطلل الذي يطلقه شعراؤنا الكبار آهات من الحزن والشجن على إنتهاء زمن من المحبة والوصل

صرنا لا نهتم أيضا بمن قرر الغياب عنا ولا تنتابنا في شأنه رغبة ملحة في سؤاله عن السبب. وكأن الأمر لا يعنينا فصرنا نحمل قناعات باهتة بأن المذنب هو من غاب أو يريد الغياب. وكأنه يريد الغياب

و في المقابل، صرنا نهتم بأمور تافهة وبلا معنى كأن نجلس مثلا لساعات طويلة في المقهى نحملق في بعضنا البعض ونستغرب من فلان الذي لم يسجل حضوره بعد. وإذن يصبح حديث المقهى عن هذا الذي غاب وكيف أنه قد تفطن، ربما قد تفطن، ونحن في غفلة منا، إلى أمر مهم يخصه فغاب عن المقهى

أما ما يحدث من غرائب في بلدان قريبة منا كنا نحلم بزيارة مكتباتها ومناراتها وجوامعها وأسواقها الكبيرة فصارت حطاما وخرابا وصرنا أيضا لا نهتم أبدا بمعرفة أسباب المحنة العظيمة التي تمر بها. بل وربما سيأتي أحدهم ويطلب منا أن نكف عن اللغو حتى لا نفسد عليه كوب الشاي أو القهوة. وكأنه يستمتع بحلاوة الوهم وسط واقع من اليباب. هذه، إذن، قلوب تغربت فتعذبت والله المستعان