Pages

بسم الله الرحمان الرحيم



بسم الله الرحمان الرحيم

مرحبا بكم

Meditations

Oct 14, 2014

هل يجوز لنا إهمال علاج مشاكلنا النفسية؟


__________________________________________________
ما أمَرَ اللهُ تعالى بأمرٍ إلا حاول الشيطان أن يبعد ابن آدم عنه إما بالإفراط وإما بالتفريط
من هذه الأمور: الغيرة، كغيرة الزوج على زوجته والزوجة على زوجها
الأكثر انتشارا في أيامنا هو التفريط، بحيث لا يغار الرجال على زوجاتهم وبناتهم وأخواتهم
أن يخرجن على غير الصورة التي ارتضاها الله
وينشئن علاقات مع الرجال خارج الإطار الشرعي، وكذلك قلة غيرة المرأة على زوجها

وفي المقابل، هناك غيرة مَرَضية قد تكون نتاجاً ليس لوساوس الشيطان فحسب
بل ولتغيرات موصوفة علميا في النشاط العصبي الدماغي
هذه الغيرة تؤدي إلى ظلم الزوج لزوجته واتهامها في عفتها وشرفها
والمصيبة أن كثيرا من هؤلاء
الأزواج يمتنع عن علاج نفسه لأنه يرى من "العيب" أن يراجع الأخصاء النفسيين
فتكون المسكينة ضحيته الضعيفة التي تدفع ثمن كبريائه في الامتناع عن العلاج،
وقد يؤدي ذلك في المحصلة إلى تدمير الحياة الأسرية

تقول إحداهن
أنا امرأةٌ متزوِّجةٌ، لاحظتُ تغيُّر سلوك زوجي، إذ بدأ يغار علي من الأطفال! كنتُ أظن أنَّ الأمر عادي في البداية، إلا أنَّه تمادَى وزاد، وأصبح يشكُّ فيَّ
فإذا مرَّ أحدٌ بجانب السيارة يسألني: هل رأيتِ هذا الشخص مِن قبلُ؟! لماذا يمرُّ من أمام السيارة؟ هل قمتِ بالتلميح له؟ ثم يتطاول عليَّ ويسبني ويشتمني!
إذا وضعتُ يدي على جسمي سواء عن قصد أو عدم قصد، أو لمس جسمي شيئًا، فإنه ينهرني، ويرى أني "قليلة الأدب"! وكثيرا ما يعتدي عليَّ بالضَّرْب.
هذا معي أنا فقط، أما مع الآخرين فهو بشوشٌ، ودود، مَرِح!!
عرضتُ عليه الذهاب للطبيب لكنه رفَض الفكرة نهائيًّا، ويُصِرُّ على أنني أنا المريضة، و"قليلة الأدب"، واللهُ يعلم أنني بريئة مما يتَّهمني به، شكوتُه إلى أهله، لكنه أنكر ما قلتُ، واتَّهَمَني بالكَذِب
!

الشخص الموصوف لديه غيرة مرضية تستوجب علاجا
وهي أحد نوعين: الغيرة التوهمية
(delusional jealousy)
والتي يعتقد فيها المريض عقيدة جازمة بسوء أخلاق الشخص الآخر (كزوجته) وعدم صيانتها لنفسها
والنوع الآخر الغيرة الوسواسية
(obsessive jealousy)
والتي ينتاب فيها المريض وساوس عن أخلاق الشخص الآخر
ويدرك فيها المريض في قرارة نفسه أن هذه الوساوس غير واقعية
لكنه مع ذلك قد يعبر عنها ويتصرف بتصرفات قهرية ككثرة سؤال زوجته
والتأكد وتعقب حركاتها بطريقة جارحة تشعرها بِشَكِّه فيها
ولكل من المرضين علاجه المناسب
(الدوائي أو اللادوائي)
ليس هدفي من هذا التحليل العلمي لمرضٍ ما، وإنمل التركيز على ظلم يقع فيه بعض الأزواج
وهو أنهم مصابون بمرض نفسي، الغيرة المرَضية أو غيرها، وهذا المرض يؤذي زوجته وربما أبناءه
وبإمكانه أن يعالج نفسه ويوقف معاناة الجميع بإذن الله
لكن كبرياء هذا الرجل يمنعه، ولا يجِدُّ في محاولة التخلص من المرض بقراءة كتب تثقيفية عنه مثلا
فيستمر في هذا الشكل من الظلم والإثم لأن كراهية الله لظلمه أهون عنده من جرح غروره وكبريائه
!
إنك تأثم أيها الزوج!
(والله لا يحب الظالمين)
وليست المرأة التي أوصاك بها نبيك صلى الله عليه وسلم خيرا
ليست مسؤولة عن تحمل مرضك وإساءاتك الذي يمكنك علاجه
اسأل نفسك أيها الزوج: لو علمت أن منظمات حماية الأسرة وحماية المرأة في بلدك ستسعى في معاقبتك على إساءاتك لزوجتك
هل كنت ستستمر في إهمال العلاج؟
هل إن غابت رقابة هؤلاء لم تلتفت لرقابة الله تعالى عليك؟
!
هل نقبل أن نعطي لهذه المنظمات التي كثيرا ما دخلت بلاد المسلمين بهدف إفساد المرأة وإفساد المجتمع
من خلال المرأة تحت شعارات (الحرية) و (المساواة) و(رفع الوصاية)...هل نقبل أن نعطيها ذريعة بأنفسنا ونجعل لها علينا سبيلا بمعاصينا وظلمنا؟
!
تأثم أيها الزوج لأنه قد يسعك ألا تعالج نفسك من بعض الأمراض التي لا تتعداك إلى غيرك
أما إن تعدى إلى غيرك فلا يجوز لك إلا أن تعالجه
أرأيت لو أنك كنات مصابا بعدوى مثلا، هل يحل لك أن تهملها وأنت تعلم أنها قد تنتقل إلى زوجتك أو أبنائك؟
صحيح أن بعض المصابين بهذه الأمراض قد فقودوا سيطرتهم على أنفسهم إلى حد ما
لكن كثيرا منهم في المقابل يكون واعيا على حاجته للعلاج مكلفا شرعا بذلك لتحقق صفة العقل فيه

ختاما، أعود فأقول: المرض الأكثر تفشيا هو ضعف الغيرة
,
لكن المفسدين في الأرض كثيرا ما يركزون على الإفراط ليبرروا التفريط، ويرهبوا صاحب الغيرة المعتدلة الشرعية بأنهم معقدون مرضاء نفسيا بعدما وضعوهم في بوتقة واحدة معك يا من لديه مرض بالفعل
!!
ولنتذكر ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم
مِنَ الغَيرةِ ما يحبُّ اللَّه ومنها ما يَكْرَهُ اللَّه: فأمَّا ما يحبُّ فالغَيرةُ في الرِّيبةِ وأمَّا ما يَكْرَهُ فالغيرةُ في غَيرِ ريبةٍ
.

فالغيرة في ريبة، عندما يصدر من الزوج أو الزوجة مثلا سلوك مريب، فهذه غيرةٌ محمودة
أما التي تكون دون وهما وشكا دون سلوك مريب فيمن تغار عليه فهي كريهة
فلا تترك نفسك على ما يكرهه ربك سبحانه
والله تعالى أعلم


_______________________________________________

No comments: