المهم أن ترتاح الضمائر

لا تحدّثوني عن الرومانسية...
فقد اكتفيت...
من الدموع والشموع وقصائدُ الشوق والعشق والحنين والأنين...
وأحلام تقبيل ثرى الوطن...
ورؤيته سعيداً حُرّا من الغاصبين...
العاشقُ قد هجر حبيبته...
رغماً عنه...
وأرسل يخبرها كم أنه - طوال عمره- قد أحبّها...
وكم سيبقى وفيّاً لها...
هي الجريحة...
إذاً سيرسل لها ثمن الدواء...
وسيكون كريماً أكثر، ويهيء الغذاء والكساء...
وإن هي ماتت..
فسيتكفّل بثمن الكَفن...
وسيقرأ على روحها الفاتحة كلّ ليلة..
وسيفتح لها في صفحات التواصل أجمل صفحة...
وينشيء - زيادة في الخير والأجر- مجموعة تضم عشّاقها أمثاله...
ليتسابقوا في كتابة الشعر وقصائد الرثاء...
ليعددوا محاسنها ومناقبها، وكم أنها كانت جميلة...
وكم أنها كانت عظيمة...
وسيتطرقون لذكر المجرمين الذين جاسوا أرضها بأقدامهم...
وسيلومون حرّاسها الذين لم يحسنوا حراستها كما أوصوهم وشددوا عليهم، وفشلت خططهم رغم أنهم قد دفعوا لهم ثمن الذخيرة...
يالجحود البشر للبشر...!
وستحفل الصفحات بسبابهم وشتائمهم...
وسيعينوا رمزاً لهم أكثرهم شدّة في الشتم، وأقواهم بأساً في اللعن...
وسيعودون إلى حياتهم المعتادة...
فقد عرفوا أن الغضب مضرّ بالصّحة...
وبأن الغضب يسبب أزمات قلبية... ويشلّ الحركة...
وسيأتي من يُثني عليهم، ويذكّرهم بـ " لا تغضب"
وإن لم يكن ذاك المقصد!
المهم أن ترتاح الضمائر... المهم أن يمحى الألم..
المهم أن نراقب من يموت فلا نشعر بأدنى درجات اللوم ولا نشعر أبداً بالندم...
لكننا رغم كل شيء عُشّاق بامتياز...
نجيدُ كتابة الشعر والنثر، ونتفنن في القصة ونبرع في المقال...
وعن الخطبة حدّث ولا حرج... كل شيء فيها مسموح إلا ما يمسّ مشاعرنا... ومشاعر الآخر...
الجهاد؟!!
وقع هذه الكلمة قوي...
فاحذفوها...
وتحصّنوا من عيون الأمن... وأطفئوا أنوار البيوت وأشعلوا مصباحاً ضئيلاً...
يكفي لأن تكتبوا على نوره قصيدة...
في حُبّ الوطن!!